هل وصلنا إلى نقطة الانفجار في أزمة الديون العالمية؟

هل وصلنا إلى نقطة الانفجار في أزمة الديون العالمية؟ -- Dec 23 , 2025 127

تتزايد التحذيرات من أن عبء الديون العامة في الاقتصادات المتقدمة بات يهدد الأجيال المقبلة بأزمات مالية واضطرابات سياسية، ليطرح جون بليندر كاتب العمود في صحيفة "فاينانشال تايمز" أحد أهم الأسئلة المطروحة حالياً: هل أصبحت هذه الديون غير قابلة للإدارة؟

تكشف الأرقام الأخيرة حجم التحول عن النموذج التقليدي الذي كان يربط تراكم الديون بالحروب وسدادها في أوقات السلم. ففي الولايات المتحدة، تراجع الدين العام من 106% من الناتج المحلي الإجمالي عام 1946 إلى 21.6% في أوائل التسعينيات، لكنه عاد ليقترب من 100% بفعل أزمات كبرى مثل الأزمة المالية العالمية وجائحة كورونا. والأسوأ أن مكتب الميزانية في الكونغرس يتوقع أن يقفز هذا المعدل إلى 156% بحلول عام 2055، ما يهدد مكانة سندات الخزانة الأميركية كركيزة أساسية في النظام المالي العالمي.
أما أوروبا، فصندوق النقد الدولي يتوقع تضاعف متوسط الدين العام للدول خلال 15 عاماً إذا لم تُتخذ إجراءات جذرية، وهو ما يعني ارتفاع تكاليف الاقتراض وتباطؤ النمو وزيادة احتمالات عدم الاستقرار المالي.

كيف خفّضت بريطانيا ديونها بعد الحرب؟
يقدم التاريخ دروساً مهمة. بريطانيا، مثلاً، نجحت في خفض نسبة الدين من أكثر من 250% عام 1946 إلى 42% بعد 3 عقود، بفضل مزيج من الفوائض الأولية في الميزانية، النمو الاقتصادي، والتضخم الذي ساهم بأكثر من 80% في عملية خفض الدين خلال العقد الأول بعد الحرب.

لكن هذه الآلية لم تعد سهلة اليوم، في ظل سياسات البنوك المركزية التي تستهدف السيطرة على التضخم، ما يجعل خيار "التخلص من الديون عبر ارتفاع الأسعار" شبه مستحيل.

الضغوط السياسية تزيد الطين بلة
لا يقتصر التحدي على الأرقام، بل يمتد إلى السياسة. شيخوخة السكان تفرض إنفاقاً هائلاً على الرعاية الصحية والمعاشات، فيما تضيف التوترات الجيوسياسية وتكاليف مواجهة تغير المناخ أعباء جديدة. وفي عالم يزداد اعتماد النمو فيه على الديون، تتصاعد النزعات الشعبوية التي تطالب بزيادة الإنفاق وخفض الضرائب، ما يفاقم الأزمة.

هناك من يراهن على طفرة إنتاجية بفضل الذكاء الاصطناعي. لكن دراسة حديثة لـ"دويتشه بنك" تشير إلى أن الزيادة المتوقعة في الإنتاجية (0.5 إلى 0.7% سنوياً) قد تُبطئ وتيرة ارتفاع الدين، لكنها لن تقلب المعادلة رأساً على عقب.

النهاية قد تكون صادمة
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن الانضباط المالي لن يكون العامل الحاسم، بل "انضباط الأسواق" عبر أزمات مالية تضغط على الحكومات.

ويرى الاقتصادي السويدي أندرس أسلوند أن الوضع الحالي يذكّر بعام 1929، وحتى لو بدا هذا التشبيه مبالغاً فيه، يصعب تجاهل حقيقة أن المسار الحالي لا ينذر بخاتمة سعيدة.

أقرأ أيضاَ

كم ستبلغ صادرات روسيا من الحبوب في 2025؟

أقرأ أيضاَ

الخزانة الأميركية تحصل 235 مليار دولار من الرسوم الجمركية